+
----
-
مختـصر سـيرة الرسـول ( صلى الله عليه وسلم )
[ مقدمة الكتاب ]
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
اعلم رحمك الله أن أفرض ما فرض الله عليك معرفة دينك . الذي معرفته والعمل به سبب لدخول الجنة والجهل به وإضاعته سبب لدخول النار .
ومن
أوضح ما يكون لذوي الفهم قصص الأولين والآخرين قصص من أطاع الله وما فعل
بهم وقصص من عصاه وما فعل بهم . فمن لم يفهم ذلك ولم ينتفع به فلا حيلة فيه
. كما قال تعالى ( 50 : 36 )
وكم أهلكنا قبلهم من قرن هم أشد منهم بطشا فنقبوا في البلاد هل من محيص
.
وقال بعض السلف " القصص جنود الله " يعني أن المعاند لا يقدر يردها .
فأول
ذلك ما قص الله سبحانه عن آدم وإبليس إلى أن هبط آدم وزوجه إلى الأرض .
ففيها من إيضاح المشكلات ما هو واضح لمن تأمله . وآخر القصة قوله تعالى ( 2
: 38 ، 39 )
قلنا
اهبطوا منها جميعا فإما يأتينكم مني هدى فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا
هم يحزنون والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون
وفي الآية الأخرى ( 20 : 133 - 137 )
فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا
- إلى قوله -
ولعذاب الآخرة أشد وأبقى
.
وهداه
الذي وعدنا به هو إرساله الرسل . وقد وفى بما وعد سبحانه فأرسل الرسل
مبشرين ومنذرين . لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل . فأولهم نوح .
وآخرهم نبينا صلى الله عليه وعليهم وسلم .
فاحرص
يا عبد الله على معرفة هذا الحبل الذي بين الله وبين عباده الذي من استمسك
به سلم ومن ضيعه عطب . فاحرص على معرفة ما جرى لأبيك آدم وعدوك إبليس وما
جرى لنوح وقومه وهود وقومه وصالح وقومه و إبراهيم وقومه ولوط وقومه وموسى وقومه وعيسى وقومه ومحمد صلى الله عليه وعليهم وسلم وقومه .
واعرف ما قصه أهل العلم من أخبار النبي صلى الله عليه وسلم وقومه وما جرى له معهم في مكة ، وما جرى له في المدينة .
واعرف
ما قص العلماء عن أصحابه وأحوالهم وأعمالهم . لعلك أن تعرف الإسلام والكفر
. فإن الإسلام اليوم غريب وأكثر الناس لا يميز بينه وبين الكفر . وذلك هو
الهلاك الذي لا يرجى معه فلاح .
وأما قصة آدم
. وإبليس فلا زيادة على ما ذكر الله في كتابه . ولكن قصة ذريته . فأول ذلك
أن الله أخرجهم من صلبه أمثال الذر وأخذ عليهم العهود أن لا يشركوا به
شيئا ، كما قال تعالى ( 7 : 172 )
وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا
ورأى فيهم الأنبياء مثل السرج . ورأى فيهم رجلا من أنورهم . فسأله عنه ؟
فأعلمه أنه داود . فقال كم عمره ؟ قال ستون سنة . قال وهبت له من عمري
أربعين سنة وكان عمر آدم ألف سنة . ورأى فيهم الأعمى ،
والأبرص والمبتلى . قال يا رب لم لا سويت بينهم ؟ قال إني أحب أن أشكر .
فلما مضى من عمر آدم ألف سنة إلا أربعين أتاه ملك الموت . فقال إنه بقي من
عمري أربعون سنة . فقال إنك وهبتها لابنك داود . فنسي آدم فنسيت ذريته وجحد
آدم فجحدت ذريته .
فلما مات آدم . بقي
أولاده بعده عشرة قرون على دين أبيهم دين الإسلام . ثم كفروا بعد ذلك .
وسبب كفرهم الغلو في حب الصالحين . كما ذكر الله تعالى في قوله ( 70 : 23 )
وقالوا لا تذرن آلهتكم ولا تذرن ودا ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسرا
وذلك أن هؤلاء الخمسة قوم صالحون كانوا يأمرونهم وينهونهم . فماتوا في شهر
. فخاف أصحابهم من نقص الدين بعدهم . فصوروا صورة كل رجل في مجلسه لأجل
التذكرة بأقوالهم وأعمالهم إذا رأوا صورهم ولم يعبدوهم ثم حدث قرن آخر
فعظموهم أشد من تعظيم من قبلهم ولم يعبدوهم تم طال الزمان ومات أهل العلم .
فلما خلت الأرض من العلماء ألقى الشيطان في قلوب الجهال أن أولئك الصالحين
ما صوروا صور مشايخهم إلا ليستشفعوا بهم إلى الله فعبدوهم .
فلما
فعلوا ذلك أرسل الله إليهم نوحا عليه السلام ليردهم إلى دين آدم وذريته
الذين مضوا قبل التبديل . فكان من أمرهم ما قص الله في كتابه ثم عمر نوح
وأهل السفينة الأرض وبارك الله فيهم وانتشروا في الأرض أمما ، وبقوا على
الإسلام مدة لا ندري ما قدرها ؟ .
تم حدث
الشرك . فأرسل الله الرسل . وما من أمة إلا وقد بعث الله فيها رسولا يأمرهم
بالتوحيد وينهاهم عن الشرك . كما قال تعالى ( 16 : 36 )
ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت
وقال تعالى ( 23 : 44 )
ثم أرسلنا رسلنا تترى كل ما جاء أمة رسولها كذبوه
الآية .
ولما ذكر القصص في سورة الشعراء ختم كل قصة بقوله
" class="postlink" target="_blank">إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين
فقص الله سبحانه ما قص لأجلنا . كما قال تعالى ( 12 : 111 )
لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ما كان حديثا يفترى
الآية .
ولما أنكر الله على أناس من هذه الأمة - في زمن النبي صلى الله عليه وسلم أشياء فعلوها . قال ( 9 : 70 )
ألم يأتهم نبأ الذين من قبلهم قوم نوح وعاد وثمود وقوم إبراهيم وأصحاب مدين
الآية . وكذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقص على أصحابه قصص من
قبلهم ليعتبروا بذلك . وكذلك أهل العلم في نقلهم سيرة رسول الله صلى الله
عليه وسلم وما جرى له مع قومه وما قال لهم وما قيل لهم . وكذلك نقلهم سيرة
الصحابة وما جرى لهم مع الكفار والمنافقين وذكرهم أحوال العلماء بعدهم . كل
ذلك لأجل معرفة الخير والشر .
إذا فهمت ذلك فاعلم أن كثيرا من الرسل وأممهم لا نعرفهم . لأن الله لم يخبرنا عنهم لكن أخبرنا عن عاد ، التي لم يخلق مثلها في البلاد . فبعث الله إليهم هودا عليه السلام .
فكان من أمرهم ما قص الله في كتابه وبقي التوحيد في أصحاب هود إلى أن عدم بعد مدة لا ندري كم هي ؟ وبقي في أصحاب صالح . إلى أن عدم مدة لا ندري كم هي ؟ .
تم بعث الله إبراهيم عليه السلام وليس على وجه الأرض يومئذ مسلم . فجرى عليه من قومه ما جرى ، وآمنت به امرأته سارة
ثم آمن له لوط عليه السلام ومع هذا نصره الله ورفع قدره وجعله إماما للناس .
ومنذ ظهر إبراهيم عليه السلام لم يعدم التوحيد في ذريته كما قال تعالى ( 43 : 28 )
وجعلها كلمة باقية في عقبه لعلهم يرجعون
فإذا كان هو الإمام فنذكر شيئا من أحواله لا يستغني مسلم عن معرفتها ،فنقول في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
لم يكذب إبراهيم النبي صلى الله عليه وسلم قط . إلا ثلاث كذبات ثنتين في ذات الله قوله ( 37 : 89 )
إني سقيم
وقوله ( 21 : 63 )
بل فعله كبيرهم هذا
وواحدة في شأن سارة فإنه قدم أرض جبار ومعه سارة وكانت أحسن الناس فقال
لها : إن هذا الجبار إن يعلم أنك امرأتي : يغلبني عليك ، فإن سألك ،
فأخبريه أنك أختي ، فإنك أختي في الإسلام فإني لا أعلم في الأرض مسلما غيري
وغيرك ، فلما دخل أرضه رآها بعض أهل الجبار فأتاه فقال لقد قدم أرضك امرأة
لا ينبغي أن تكون إلا لك ، فأرسل إليها ، فأوتي بها ، فقام إبراهيم إلى
الصلاة فلما دخلت عليه لم يتمالك أن بسط يده إليها ، فقبضت يده قبضة شديدة
فقال لها : ادعي الله أن يطلق يدي ، فلك الله أن لا أضرك . ففعلت فعاد
فقبضت يده أشد من القبضة الأولى ، فقال لها مثل ذلك فعاد فقبضت يده أشد من
القبضتين الأولتين فقال لها : ادعي الله أن يطلق يدي ، ولك الله أن لا أضرك
، ففعلت فأطلقت يده ودعا الذي جاء بها ، فقال له إنك إنما جئتني بشيطان
ولم تأتني بإنسان . فأخرجها من أرضي ، وأعطاها هاجر ، فأقبلت فلما رآها إبراهيم . انصرف فقال لها : مهيم ؟ قالت خيرا ، كف الله يد الفاجر وأخدم خادما " . قال أبو هريرة : فتلك أمكم يا بني ماء السماء
وللبخاري
أن إبراهيم لما سئل عنها ؟ قال هي أختي ، ثم رجع إليها ، فقال لا تكذبي
حديثي . فإني أخبرتهم أنك أختي . والله ما على الأرض مؤمن غيري وغيرك ،
فأرسل بها إليه فقام إليها ، فقامت تتوضأ وتصلي ، فقالت اللهم إن كنت آمنت
بك وبرسولك ، وأحصنت فرجي إلا على زوجي ، فلا تسلط علي يد الكافر . فغط حتى
ركض برجله الأرض . فقالت اللهم إن يمت يقال هي قتلته فأرسل ثم قام إليها
فقامت تتوضأ وتصلي ، وتقول اللهم إن كنت آمنت بك وبرسولك ، وأحصنت فرجي إلا
على زوجي ، فلا تسلط علي هذا الكافر فغط حتى ركض برجله . فقالت اللهم إن
يمت يقال هي قتلته فأرسل في الثانية أو الثالثة فقال والله ما أرسلتم إلي
إلا شيطانا ، أرجعوها إلى إبراهيم وأعطوها هاجر . فرجعت إلى إبراهيم فقالت أشعرت ؟ إن الله كبت الكافر وأخدم وليدة "