مدير المنتدى Admin
الجنس : عدد المساهمات : 836 تاريخ التسجيل : 14/12/2010
| موضوع: خصائص الصوم المعنويه السبت مارس 05, 2011 10:46 pm | |
| قال الله تعالى في القرآن الكريم: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾(البقرة:183). صدق الله العلي العظيم.
حكمة تشريع الصوم.
من أعظم العبادات التي شُرّعت الصوم، وله حِكَم ومصالح متعددة، أبان بعضها القرآن الكريم، فالصوم شُرع لإيصال الصائم إلى تقوى الله تعالى لينال رضوانه.
ميزات الصوم.
وينبغي للصائم أن يلتفت أنّ صومه يختلف عن فطره، كما أبانت الروايات ذلك بشيء من التفصيل موضحة ما ينبغي للصائم أن يكون عليه.
الأولى: نوم الصائم عبادة.
ورد عن النبي صلى الله عليه وآله قوله: ‹‹نوم الصائم عبادة ونَفَسُه تسبيح››، والحديث يدل على عظمة هذا التشريع، وذلك أنّ العبادات الأخرى لا يمكن أن يؤتى بها وتشمل غيرها من العبادات بمعنى أن يكون له أجر تلك العبادة وعبادات أخرى، بل لا يمكن أن يأتي بها العابد وهو نائم، إذ يشترط في العبادات القصد والتوجه والنية، وذلك لا يتأتى للنائم غير أنّ الصوم يختلف عن بقية العبادات، فالصائم في عبادة وصوم وهو نائم، أي أنّ الصائم بصومه في عبادة من العبادات الأخرى بالإضافة إلى صومه.
الثانية: أنفاس الصائم تسبيح.
أما قوله صلى الله عليه وآله: ‹‹ونفسه تسبيح››، أي أنّ الأنفاس التي يتنفسها تسبيح لله تعالى، وفي هذا الحديث إيماءة، وذلك أنّ العلماء أبانوا أنّ الثناء على الله تعالى على نوعين:
الأول: ثناء بصفات الجمال، كقول الحامد: ‹‹يا رحيم، يا كريم، يا عليم››.
الثاني: ثناء على الله تعالى بصفات الجلال للحق تعالى، وتنزيهه عن ما لا يليق به من صفات، ويطلق العلماء الصفات الجلالية على الصفات التي لا يتصف بها الله تعالى كالولد والنظير والمثل، وما لا يصح أن تتصف به الذات المقدسة، والصائم يثني على الله تعالى وينزهه عن الصفات التي لا تليق بجلاله وعظمته.
حقيقة عبادية النوم والأنفاس.
إنّ استيعاب معنى نوم الصائم عبادة يحتاج إلى شيء من البيان، وذلك أنّ الصائم يتزكى بصومه فيطهر من الناحية المعنوية، ويدرك عظمة الحق تعالى، وبإدراكه لعظمة الحق تعالى يلتفت أنه لا يتصف بصفات النقص، والرواية القائلة: ‹‹ونفسه تسبيح››، تبين معنىً لازماً للصائم وهو أنّ الصائم يصل بصومه إلى درجة تكون أنفاسه دالة على عظمة الحق تعالى عما لا يليق أن يتصف به، ﴿ سُبْحَانَ الله عَمَّا يَصِفُونَ * إِلَّا عِبَادَ الله الْمُخْلَصِينَ ﴾، فالله تعالى نزَّه نفسه عما لا يليق به من صفات النقص.
الرابعة: الصائم مستخلص لتنزيه.
فالمُخلَص هو من استخلصه الله تعالى لنفسه واجتباه لذاته، والنبي صلى الله عليه وآله أبان أنّ من يأتي بالصوم ويخلص في عبادته يصبح مخلصاً، وتكون أنفاسه منزهة للحق تعالى عما لا يليق أن يتصف به.
الخامسة: استشعار الأعضاء عظمة الله تعالى.
هناك طائفة أخرى من الروايات تبين أنّ جميع أعضاء الصائم تسبح لله تعالى، قال صلى الله عليه وآله: ‹‹ما من صائم يحضر قوماً يُطعمون إلاّ سبحت أعضاؤه وكانت صلاة الملائكة عليه، وكانت صلاتهم استغفاراً››، أي استغفاراً له، وتسبيح الأعضاء إيماءة بأنّ من يحضر الطعام ويتوق إليه، فيتذكر أنه صائم لله تعالى تسبح أعضاؤه الحق تعالى، وتستشعر عظمته، ﴿وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ ﴾(الإسراء:٤٤).
السادسة: صمت الصائم تنزيه لله.
جاء عن إمامنا أمير المؤمنين عليه السلام قوله: ‹‹نوم الصائم عبادة، وصمته تسبيح››، الرواية المتقدمة ورد فيها، ‹‹نفسه تسبيح››، وهذا تعبير كنائي بأنّ الصائم حتى إذا لم يتكلم فصمته تنزيه للحق تعالى.
السابعة: الدعاء مستجاب.
‹‹ودعاؤه مستجاب››، فالله يستجيب للصائم إذا ابتهل إليه بالدعاء متضرعاً في كل وقت من شهر رمضان.
الثامنة: مضاعفة العمل.
‹‹ودعاءه مستجاب وعمله مضاعف››، من الخصائص المترتبة على الصوم أنّ جميع الأعمال التي يأتي بها الصائم مضاعفة، نعم هناك مضاعفة للأعمال بنحو فردي، أي أنّ العمل يضاعف وحده، فإنفاق المال مضاعف والصلاة جماعة تتضاعف، لكن الصوم يضاعف نفسه ويضاعف جميع الأعمال العبادية الأخرى.
التاسعة: جائزة عند الإفطار.
قال إمامنا أمير المؤمنين عليه السلام: ‹‹إنّ للصائم عند إفطاره دعوة لا ترد››، فالصائم يستجيب الله دعاءه بنحو عام، وله دعوة مستجابة في كل يوم بنحو خاص.
مستحق ثواب الصوم.
إن هذا الفضل الوفير للصائمين يترتب لمن يلتفت لخصائص وميزات الصوم، فالصوم عبادة لها حرمة، وليست مجرد إمساك عن الأطعمة والأشربة، فالحكم والمصالح الجائية في الروايات تترتب لمن يراعي حرمة الصوم.
صيام الجوع والعطش.
إن بعض الصائمين ليس له من صيامه إلا العناء والجوع، ورد عن النبي صلى الله عليه وآله: ‹‹رب صائم حظه من صيامه الجوع والعطش››، فلا ينال فوزاً ورضاً من الله تعالى، ولا يحقق مآربه بصومه، لأنه لا يعرف كيف يصوم، ولا يعرف آداب الصوم، فيصوم ويغتاب، ويصوم وتصدر منه الفواحش، ويصوم ولا تصوم جوارحه، وهكذا حال بقية العبادات، فقد يأتي بها دون أن يترتب عليها أثر، قال صلى الله عليه وآله: ‹‹ورب قائم حظه من قيامه السهر››، فمن قام ليتهجد ليلاً دون أن يتقي الله فلن يترتب على سهره فائدة.
الصوم عن المحارم.
إذن ينبغي أن نعرف كيف نصوم ؟ فقد جاءت الروايات عن الأئمة من أهل البيت عليهم السلام تعلمنا ذلك، فعن علي عليه السلام قال: ‹‹الصيام اجتناب المحارم››، فالصيام جسر يجتازه الصائم ليمتنع عن اقتراف المحارم، فعنه عليه السلام: ‹‹صيام القلب عن الفكر في المآثم أفضل من صيام البطن عن الطعام››، أي أنّ الصوم ليس بترك الطعام، بل باستشعار القلب عظمة الله تعالى فلا يبيح الصائم لنفسه الوقوع في الإثم، إنّ الله تعالى حذَّر من الوقوع في الفواحش والآثام ما ظهر منها وما بطن، وجعل الصوم جسراً لاستشعار عظمته وإدراك أنه حاضر ناظر عالم بما يصدر من أقوال وأفعال، فإذا وصل الصائم إلى ذلك فلن يفكر في الإثم، وهذه المرتبة العليا لحكمة الصوم تترتب على صيام القلب عن الفكر في الآثام.
ثمرة الصوم الحقيقي.
ورد عن النبي صلى الله عليه وآله عندما رأى امرأة صائمة سبت جاريتها، أنه صلى الله عليه وآله قدّم لها الطعام وقال لها كلي، قالت يا رسول الله صلى الله عليه وآله إني صائمة، قال النبي صلى الله عليه وآله: ‹‹لا حاجة لله بصومك››، فالله لا يريد من الإنسان أن يصوم ليجتنب الطعام، بل ليتعرف على الحكمة والهدف من الصوم، وليصل إلى عالم المعنى فيصدر منه الخير ويمتنع من فعل السوء والشر.
أنواع الصوم.
إنّ الصوم له مراتب ثلاثة:
الأولى: الصوم المسقط للتكليف الشرعي، وهو الصوم عن المفطرات.
الثانية: الصوم الذي يمثل درجة متقدمة في عالم المعنى، فيستشعر الصائم أنّه سيطر على حواسه، وهو يختلف عن النحو الأول من الصوم لأن الأول يسقط التكليف فحسب.
الثالثة: هو صوم القلب عن جميع الآثام، بحيث لا يشتغل القلب بغير الله تعالى، وقد أبان الإمام أمير المؤمنين عليه السلام هذه الخصائص الثلاث فقال: ‹‹صوم القلب خير من صيام اللسان››، أي أن الدرجة الثالثة من الصوم هي المثلى، وقد جاء في رواية، ‹‹القلب حرم الله فلا تسكن في حرمه غيره››، فـ ‹‹صوم القلب خير من صيام اللسان وصيام اللسان خير من صيام البطن››، فمن سيطر على حواسه، فقد حصل على خير كثير، إلا أنّ الأفضل أن يسيطر على جوانحه ويخلي قلبه من الإثم فيستشعر عظمة الحق تعالى.
| |
|