مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه
يُقصد بمخالفة القانون، كسبب من أسباب الطعن بالنقض، إنكار القاضي وجود قاعدة قانونية موجودة، أو تأكيده لقاعدة قانونية غير موجودة، سواء كانت من القواعد الإجرائية أو الموضوعية. ويُقصد بالقاعدة القانونية، في هذا السياق، كل قاعدة قانونية واجبة التطبيق سواء كان مصدرها التشريع أو العُرف أو مبادئ الشريعة الإسلامية أو القانون الطبيعي وقواعد العدالة الطبيعية أو العقد. ويُقصد بالخطأ في تطبيق القانون تطبيق قاعدة قانونية لا تنطبق على الواقعة المنظورة أو ترك العمل بنص قانوني لا يحتمل التأويل ولا خلاف على وجوب الأخذ به، أو الخطأ في فهم النص وتأويله. وفي حالات كثيرة، تختلط مخالفة القانون بالخطأ في تطبيقه.
[rtl]والقاضي الذي يُخطئ في التكييف القانوني الصحيح للواقعة يُخطئ في تطبيق القاعدة القانونية واجبة التطبيق مرتين؛ في المرة الأولى، لأنه طبق قاعدة غير واجبة التطبيق، وفي الثانية، لأنه استبعد تطبيق قاعدة قانونية كانت واجبة التطبيق. وتطبيقا لذلك، قضت محكمة النقض المصرية بأنه لا يلزم أن يكون الطاعن قد تمسك أمام محكمة الموضوع بالقاعدة القانونية التي تُنسب إلي الحكم المطعون فيه مخالفتها بل يجوز له التمسك بالمخالفة ولو كان الحكم قد طبق القاعدة التي تمسك بها إذْ أن الأصل أن تطبيق القانون الصحيح من عمل القاضي.[/rtl]
[rtl]كذلك، قضت محكمة التمييز الكويتية بأن من المقرر أن الواجب على القاضي أن يبحث من تلقاء نفسه عن حكم القانون في الواقعة المنظورة ويُنزل الحكم عليها (طعن بالتمييز رقم 92/154، تجاري، جلسة 22/2/1993). ومن المقرر أنه إذا بنت محكمة الموضوع حكمها على فهم خاطئ مخالف للثابت في أوراق الدعوى، فإن حكمها يكون باطلا متعينا تمييزه (الطعن رقم 221/1994، تجاري، جلسة 3/1/1995).[/rtl]
[rtl]وقضت محكمة النقض المصرية بأنه إذا كانت المحكمة العسكرية التي وقعت العقوبة على الطاعن غير مختصة بمحاكمته كونه كان وقت ارتكاب الواقعة حدثا، تكون المحكمة قد أخطأت في تطبيق القانون، وأن الدفع بانتفاء الخطأ الجسيم في حق المحكمة يكون على غير أساس لأن المادة (163) من القانون المدني التي تنص على "أن كل خطأ سبب ضررا للغير، يُلزم من ارتكبه بالتعويض" لم تُفرّق بين الخطأ الجسيم والخطأ اليسير في قيام المسئولية التقصيرية، الأمر الذي يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون ويستوجب نقضه (الطعن رقم 2484 لسنة 65 قضائية).[/rtl]
[rtl]وفي نزاع حول عقد مقاولة، نصت مادة (67) من عقد مقاولة على أن تُحال "جميع الخلافات والنزاعات إلى مُحكم يتفق عليه الطرفان". وتنص مادة (15-1) من قانون التحكيم العُماني رقم 47 لسنة 1997 على أن "تشكل هيئة التحكيم باتفاق الطرفين من محكم واحد أو أكثر، فإذا لم يُتفق على عدد المحكمين كان العدد ثلاثة. وقضت المحكمة بأن العبارة الواردة في مادة (67) من العقد تعني اللجوء إلى التحكيم ولكن لا تعني أن المحكم فرد حيث إن مادة (15-1) ذكرت عبارة "محكم واحد" على حين لم تذكر مادة (67) من العقد عبارة "مُحكم واحد" بل اكتفت فقط بالنص على لفظ "مُحكم". وفي رأينا، أن المحكمة أخطأت في تطبيق القانون، وأن حكمها يعيبه الفساد في الاستدلال، لأنه إذا كان العقد ينص صراحة على إحالة جميع الخلافات إلى "محكم"، لا يمكن تفسير ذلك على أنه لا يعني "محكم فرد" استنادا إلى أنه اكتفي فقط بالنص على لفظ "محكم". ويعد ذلك تعسفا في الاستنتاج.[/rtl]
الاستشاري/ محمود صبره
استشاري الصياغة التشريعية للأمم المتحدة والبنك الدولي