عقد تنظيم المفاوضات وتقسيم التكاليف
يمكن التمييز بين خمسة أنواع من العقود التي تسبق إبرام العقد النهائي:
1. عقد تنظيم المفاوضات وتقسيم التكاليف2. عقد الالتزام بالتفاوض (العقد المبدئي)3. العقد التمهيدي4. العقد شبه النهائي5. العقد الابتدائي وفي كثير من الأحيان، قد تستغرق المفاوضات التعاقدية وقتا طويلا ما يؤدى إلى استنزاف كثير من الجهد والوقت والمال. ولنفرض أن مفاوضات تعاقدية قد أجريت حول إبرام عقد ما واستمرت فترة طويلة ونتج عنها تكبد أحد الطرفين خسائر كبيرة سواء من ناحية الجهد أو الوقت أو المال ثم انسحب الطرف الآخر من المفاوضات، فهل يستطيع الطرف المضرور المطالبة بالتعويض عما أصابه من ضرر وما لحقه من خسائر؟
كقاعدة عامة، يجوز لأي من الطرفين أن يعدل عن التفاوض ما دام قد تصرف بحسن نية. بل إنه حتى في حالة تصرف أحد الطرفين بسوء نية، لا يمكن الرجوع عليه بالتعويض وفقا للمسئولية التعاقدية لأنه لم ينشأ عقد في الأساس. وكل ما يستطيعه الطرف المضرور هو أن يرجع على الطرف المخالف بالتعويض استنادا إلى المسئولية التقصيرية. ولكي ينجح الطرف البريء في دعواه، عليه أن يثبت أن انسحاب الطرف المخالف من المفاوضات كان خطأ أدى إلى حدوث ضرر له، وعليه أن يثبت هذا الضرر. ونظرا لما في ذلك من صعوبة، خاصة من ناحية إثبات وجود سوء النية أو وقوع الضرر، فإن النتيجة تكون غير مضمونة تماما. بل إن بعض النظم القانونية، كما في النظام الأنجلو-أمريكي، لا تعترف أصلا بمبدأ التفاوض بحسن نية.
لذلك، من الضروري أن يدخل الطرفان من البداية في عقد لتنظيم التفاوض؛ وفيه يتفقان على طريقة تقاسم تكاليف المفاوضات وتنظيم عملية التفاوض، والاتفاق على مكان عقد المفاوضات وتشكيل الوفد التفاوضي وغير ذلك من المسائل ذات الصلة. وقد يلجأ أحد الطرفين في هذه المرحلة إلى اتباع ما يُعرف باسم "تكتيك الإنهاك" خاصة عندما يكون الطرف الآخر بحاجة إلى إبرام العقد بسرعة. لذلك، يجب تنظيم عملية التفاوض عن طريق وضع جدول زمني للمفاوضات يحدد مواعيد يتفق عليها الطرفان. ويتم ذلك عن طريق تحديد الموضوعات التي سيتم التفاوض عليها والوقت اللازم لبحث كل موضوع. ويجب أن يتضمن الجدول سقوفا زمنية محددة لبحث كل موضوع على أن ينص الاتفاق على أنه يجوز بموافقة الطرفين تمديد الوقت المحدد لبحث موضوع ما.
(من كتاب: صياغة العقود وأثر ذلك في كسب الدعاوى، الاستشاري/ محمود صبره)