أولاً : الشخصية القانونية
التعريف بالشخصية القانونية : 
تعرف الشخصية القانونية بأنها الصلاحية لاكتساب الحقوق والتحمل بالواجبات القانونية الحديثة، لا تقصر الشخصية القانونية على الآدميين بل تمنحها أيضاً لبعض الهيئات، منها في القانون الخاص الجمعيات والشركات والمؤسسات. ولذلك يقال بأن الآدميين أشخاص حقيقية أو طبيعية بينما تعتبر هذه الهيئات أشخاصاً اعتبارية أو معنوية. وهذه الأشخاص الاعتبارية صالحة لكسب الحقوق والتحمل بالواجبات على وجه الاستقلال عن الأشخاص المكونين لها أو المستفيدين منها.
(أ) الشخص الطبيعي (الإنسان): 
الشخصية القانونية تثبت للإنسان لمجرد كونه إنساناً، فكل إنسان يعتبر شخصاً في القانون الحديث. وتبدأ هذه الشخصية بولادته وتستمر حتى وفاته وحينئذ تنتهي شخصيته. ولكن الأمر لم يكن كذلك في معظم الشرائع القديمة حيث كانت الشخصية القانونية لا يعترف بها إلا للأحرار من المواطنين كقاعدة عامة وللأحرار من الأجانب في حدود معينة. ولذلك لم يكن الرقيق شخصاً في الشرائع التي كانت تأخذ بنظام الرق.
وقد ثار التساؤل عما إذا كان القانون الفرعوني قد عرف نظام الرق في دورته الأولى. وذهبت الغالبية إلى تفسيرها بما يفيد إنكار وجود الرق. وطبقاً للرأي الراجح فإن المصري يولد حراً ويموت حراً سواء كان من العمال أم الفلاحين أم من عظماء الدولة وسواء في المرحلة التي سبقت العهد الإقطاعي أم خلاله حتى نهاية الدورة الأولى. فالوثائق الخاصة بإحصاء الذهب والحقوق لا تذكر وجود الرقيق فضلاً عن أنه يبين من بعض الوثائق الأخرى أن الفلاح أو العامل كان يمارس حقوقاً هي من مظاهر الشخصية القانونية منها: توقيع أحد العمال على وثيقة باعتباره شاهداً، والزراع merit في المزارع الملكية أو في أراضي المعابد أو أراضي كبار الملاك كانوا يرتبطون بهؤلاء بعقد مزارعة ويقومون بالزراعة لحسابهم الخاص ويوفون ما عليهم من التزامات لصاحب الأرض. وفي بعض عقود العمل كان العامل أو الفلاح يعمل بأجر في ساعات معينة ولمدة معينة. وفي النقوش الموجودة على المقابر يفاخر الميت بأنه لم يبخس عاملاً حقه ويباهي بأنه كان يوفي العمال أجورهم.
غير أن بعض الوثائق تدل على أن أسرى الحروب من الأجانب كانوا يعملون بدون أجر في المزارع الملكية أو في المحاجر أو في مناجم النحاس في سيناء وأن حالة هؤلاء لا تختلف كثيراً من الناحية الفعلية عن الرقيق. ولذلك يعتبرهم بعض الباحثين نوعاً من الرقيق العام. وقد جرى العمل على أن الدولة كانت تنزل عن حقها على هؤلاء الأسرى إذا ما تصرفت في بعض أملاكها للأفراد أو الهيئات.
(ب) الشخص الاعتباري (حقول الآلهة والمؤسسات الدينية): 
تدل الوثائق على أن الملك كان يهب بعض المعابد وكهنتها أراضي زراعية تخصص للإنفاق على العبادة الملكية وتقديم القرابين والشعائر حال حياة الملوك وبعد وفاتهم، وتسمى هذه الأراضي حقول الآلهة. وبهذا التخصيص تخرج هذه الأموال من دائرة التعامل. ومن ناحية أخرى جرى بعض الأفراد منذ عهد الأسرة الرابعة على تخصيص أموال معينة من ممتلكاتهم لتقديم القرابين بعد وفاتهم في مقبرتهم، وقد جرى الباحثون على إطلاق تعبير المؤسسات الدينية على هذه الأموال. 
وقد ذهب فريق من الباحثين إلى القول بأن حقول الآلهة تعتبر أشخاصاً اعتبارية مستقلة عن هيئة الكهنة الذين يقتصر دورهم على إدارتها، وتمثيلها. وذهب فريق آخر، وهو الرأي الصحيح عندنا، إلى أن هذه الأموال شبيهة بنظام الوقف على المساجد الشائع في البلاد الإسلامية، وأنها لا تعتبر مملوكة للشخص الاعتباري المزعوم بل تعتبر مملوكة للكهنة ملكية مقيدة. وذهب الرأي الأول أيضاً إلى أن المؤسسات الدينية، أي الأموال التي يرصدها الأفراد لخدمة الموتى في المقابر، تعتبر مؤسسات دائمة شبيهة بالمؤسسات في الفقه الحديث التي تقوم على رصد مال لجهة من جهات البر أو النفع العام تتمتع بشخصية قانونية مستقلة عن هيئة الكهنة التي تتولى إدارتها أو تمثيل المؤسسة. أما الرأي الثاني – وهو الصحيح عندنا – فيذهب إلى أنها هبة مشروطة بعوض هو تقديم القرابين. فالأموال لا تعتبر مملوكة للإله ولكنها تعتبر مملوكة للموهوب له، وهم الكهنة.
وعلى كل حال فإن الشرائع القديمة لم تعرف المؤسسات بالصورة المعروفة في الفقه الحديث. ولكنها تعرف النظام الذي يقوم على ائتمان شخص على مال معين أو هبته إياه على أن يلتزم بتنفيذ رغبات وشروط المؤتمن أو الواهب. 
تطور المجتمع المصري بسبب ظهور النظام الإقطاعي وامتيازات الأشراف الأمر الذي أدى إلى تغيير النظام الاجتماعي فضلاً عن الشخصية القانونية إذا انقسم المجتمع إلى طبقات.
(أ) الشخص الطبيعي (الإنسان): 
ظل القانون الفرعوني يجهل نظام الرق في هذه المرحلة كما كان يجهله في المرحلة السابقة. غير أن المركز القانوني للمصريين، أصبح يختلف باختلاف حالة الشخص تبعاً للطبقة التي ينتمي إليها. فالأشراف – كما سبق القول – كانوا يتمتعون بالعديد من الامتيازات. وكل من لا يدخل في عداد الأشراف يدخل في الطبقة الثانية وهي طبقة أنصاف الأحرار. وهذه الطبقة كانت تشمل الفلاحين والعاملين في الإقطاعية من مستخدمين وكتبة وصناع. وهؤلاء أصبحوا تابعين للأرض – كما سبق القول – نتيجة لتحول علاقة المزارعة التعاقدية بين الفلاح والمالك إلى علاقة تبعية دائمة للأرض تلزمه هو وورثته بالبقاء في الأرض لا ينتقل منها أبداًَ ولا يخرجه منها مالكها. وتنتقل تبعية الفلاح للمالك الجديد في حال انتقال ملكية الأرض. ونظام التبعية – كما هو معروف – يختلف عن نظام الرق. غير أن التابع وإن كان حراً إلا أنه يلتزم بعدة التزامات تقيد هذه الحرية وتحد منها، فهو تابع للأرض، وللشريف حق القضاء داخل إقطاعيته وله أيضاً فرض الضرائب فضلاً عن قيمة الإيجار وكل من الإيجار والضريبة يخضع لإرادة الشريف.
(ب) الشخص الاعتباري: 
ترتب على انتشار النظام الإقطاعي، ظهور نوع جديد من الملكية هو ملكية الأسرة. وقد ذهب فريق من الباحثين إلى أن ملكية الأسرة تعتبر شخصاً اعتبارياًَ يسمى المؤسسات الأهلية بالإضافة إلى الأشخاص الاعتبارية الأخرى وهي حقول الآلهة والمؤسسات الدينية. غير أن هناك فريقاً آخر يذهب إلى إنكار صفة الشخص الاعتباري على ملكية الأسرة – كما أنكره على حقول الآلهة والمؤسسات الدينية والأهلية – وهو الرأي الصحيح عندنا. ذلك أن أموال الأسرة كانت مملوكة ملكية مشتركة بين الورثة ولكل منهم نصيبه فيها وليست مملوكة للأسرة في ذاتها.
ثانيًا : نظام الأســرة
المرحلة الأولى (حتى الأسرة الخامسة)
أسرة أبوية متحابة: 
إن الإجماع منعقد على أن الأسرة الفرعونية حتى عهد الأسرة الخامسة كانت تسودها أحكام ذات نزعة فردية وأن عاطفة المحبة والحنان من جانب الوالدين وعاطفة التبجيل من جانب الأولاد سادت الأسرة المصرية. 
السلطة الأبوية والسلطة الزوجية: 
تتكون الأسرة من الأب والأم والأولاد، وهي أسرة أبوية، والسلطة الأبوية وكذلك السلطة الزوجية كانتا معتدلتين، ولذلك وجب وصف السلطة الأبوية بأنها مجرد ولاية على النفس والمال. والوثائق تشير إلى أن أهلية كل من الزوجة والأولاد كانت كاملة ولكل منهم ذمة مالية مستقلة ومنفصلة عن ذمة الأب أو الزوج ولا تتأثر أهلية المرأة بزواجها بل تظل كاملة الأهلية. وتدل الوثائق على أنها تستطيع أن تكون طرفاً في أحد العقود أو شاهداً في تصرف قانوني، ترفع الدعاوى باسمها وترفع ضدها، كل ذلك دون حاجة للحصول على إذن من زوجها، فهي وزوجها متساويان في الحقوق والواجبات.
الزواج: 
يذكر لنا هيرودت (2 : 92) أن المصريين كانوا يأخذون بمبدأ الزوجة الواحدة بينما يقرر ديودور (1 ، 80) أن الاقتصار على زوجة واحدة كان سائداً بين الكهنة فقط أما بقية المصريين فكانوا يأخذون بمبدأ تعدد الزوجات. غير أنه من الثابت أن مصر كانت تأخذ بنظام تعدد الزوجات في عهد الدولتين الوسطى والحديثة ويرجح وجوده في العهد الإقطاعي في هذه الدورة. 
الإرث: 
نظام الإرث كان يحكمه مبدآن : 
عدم التفرقة بين الذكور والإناث في الإرث الشرعي وحرية الشخص في الإيصاء بماله كانت مطلقة. 
فهذه الوثائق تدل على أن التركة كانت تؤول للأولاد الشرعيين دون تمييز للذكور على الإناث ودون تمييز بين الابن الأكبر وبقية أخوته فأنصبتهم جميعاً كانت متساوية. فإذا لم يترك ولداً آلت التركة إلى الأخوة والأخوات. ومن حق الشخص أو يوصي بماله لوارث أو غير وارث ولم يكن المورث ملتزماً بترك أي قدر من ماله لورثته. وكانت الوصية تحرر كتابة ويشترط في الموصي صحة العقل والبدن. وكثيراً ما كان المورث يلجأ إلى الوصية لقسمة أموال تركته بين ورثته ويحدد فيها نصيب كل واحد منهم.
المرحلة الثانية (العصر الإقطاعي)
الزواج: 
حدث تغيير جوهري في نظام الأسرة نتيجة لانتشار نظام الإقطاع. فالأسرة لم تعد مقصورة على الأب والأم والأولاد بل أصبحت تضم الحواشي كالأعمام والأخوال وأولادهم. انتشر نظام الحظايا لدرجة أن الرجل كان يفاخر بعدد محظياته. 
تقييد أهلية المرأة: 
ففقدت أهلية الأداء ولكنها ظلت محتفظة بأهلية الوجوب سواء قبل زواجها أم بعد الزواج، فلها ذمة مالية مستقلة عن أبيها قبل زواجها، وعن زوجها بعد زواجها. وبذلك دخلت المرأة في عداد ناقصي الأهلية فهي لا تستطيع مباشرة التصرفات القانونية بمفردها لأن لزوجها الولاية على أموالها حال حياته وللوصي الذي يختاره لذلك بعد وفاته، فإنه لم يختر لها وصياً خضعت لولاية ابنها الأكبر. ولذلك كانت في حاجة إلى إذن أحد من هؤلاء عند إبرام التصرفات القانونية ولا يصح تصرفها دون هذه الإجازة.
السلطة الأبوية: 
تنامت السلطة الأبوية في هذا العصر، فالأولاد يعتبرون من أتباع رب الأسرة. فهو ينوب عنهم في سائر المعاملات المالية ولا يستطيعون بمفردهم مباشرة التصرفات القانونية. غير أن الأولاد – ذكوراً وإناثاً - وإن فقدوا أهلية الأداء إلا أنهم مازالوا محتفظين بأهلية الوجوب فلكل منهم ذمة مالية مستقلة. 
امتياز الابن الأكبر: 
اكتسب الابن الأكبر مركزاً ممتازاً بين أخوته، وهذا الامتياز يقتصر على الذكور دون الإناث ومن ثم لا تكسب البنت هذه الصفة حتى ولو كانت كبرى اخوتها. فسلطة رب الأسرة كانت تنتقل – بعد وفاته – إلى ابنه الأكبر فتصبح له الولاية على جميع أعضاء الأسرة بما فيهم أمه ما لم يختر رب الأسرة – قبل وفاته – وصياً غير ابنه الأكبر.
وبمقتضى هذه الولاية ينوب الابن الأكبر عن اخوته في إدارة كل شئون الأسرة ويلتزم بالإنفاق عليهم جميعاً. 
الإرث: 
صاحب هذه التطورات تطور في نظام الإرث. فقد تميز الذكور عن الإناث، وتميز الابن الأكبر عن بقية اخوته الذكور وتقيدت حرية الشخص في الإيصاء بماله. غير أن القاعدة القديمة التي كانت تقضي بحرمان الأولاد غير الشرعيين من الإرث، ظلت مطبقة. فالتركة كانت تؤول إدارتها كلها إلى الابن الأكبر غير أنه لا يمتلكها بمفرده بل يشترك معه في ملكيتها اخوته الآخرون، غاية الأمر أنهم لا يتسلمون أموال التركة بل تظل في أيدي أخيهم الأكبر ليتولى إدارتها نيابة عنهم. 
أما البنات فيرثن فقط الأموال التي آلت إلى المورث عن غير طريق الإرث ويحرمن من إرث الأموال التي آلت إليه بطريق الإرث حتى لا تؤول إلى أسرة أجنبية بزواجها. غير أن فريقاً آخر من الباحثين ذهب إلى أن لهن حق الإرث في جميع الأموال مثلهن مثل الذكور سواء بسواء، ولا خلاف بين الفريقين على أنهن كن يرثن في حلي أمهاتهن.
الوصية :
وظلت الوصية تخضع لشرط الكتابة، وشرط صحة العقل والبدن، غير أنه استجد مبدأ كتابتها في حضرة شهود.